العالم الآخر ( العالم السفلي ) 
معتقدات ما بعد الموت في الحضارة السومرية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خلافا للنصوص الجنائزية المصرية القديمة , حيث أمن المصريون في حضارتهم القديمة بفكرة البعث ، ففي معتقداتهم لا تنتهي الحياة عند الموت، بل توجد حياة ما بعد الموت، وهي ممكنة إذا حافظ الإنسان على كينونته.
اما في معتقدات العراقيين القدامى لا يوجد مثل هكذا "أدلة" في بلاد ما بين النهرين لتفاصيل الآخرة ومصير الروح بعد الموت , بدلا من ذلك فان وجهات النظر في بلاد ما بين النهرين القديمة عن الآخرة يجب تجميعها معا من بين مجموعة متنوعة من المصادر عبر أنواع مختلفة.
فالعديد من النصوص الأدبية ، وأشهرها ملحمة جلجامش، تتأمل معنى الموت، وتروي مصير الموتى في العالم الآخر، وتصف طقوس الحداد. نصوص أخرى ربما كانت تؤلف من أجل ان يتم القاءها اثناء الشعائر الدينية التي تنطوي على أرواح او موت الآلهة ومن ابرز هذه النصوص الطقسية هي قصة جلجامش وإنكيدو والعالم السفلي و نزول عشتار إلى العالم السفلي وقصة ونركال وايرشكيجال.
وتصور ثقافة بلاد ما بين النهرين القديمة العالم السفلي كنقيض كوني للسماوات وكنسخة غامضة للحياة على الأرض , غيبيا، كان يعتقد أنه يقع على مسافة بعيدة من عالم الأحياء و جسمانيا يقع تحت الارض وشعريا وصف بأنه يقع على بعد مسافة قصيرة من سطح الأرض , القصص الأدبية التي تصف العالم السفلي هي كئيبة وقاتمة عموما , ووصفت بأنها مظلمة و سميت "أرض اللاعودة" و "البيت الذي لا يخرج منه احد اذا دخل " مع الغبار على بابها والترباس.
ولكن هناك قصص معتدلة تصف حالة العالم السفلي على سبيل المثال، أشار عمل السومري باسم "وفاة اورنامو" يصف ابتهاج أرواح القتلى والولائم عند وصول الحاكم اورنمو الى العالم السفلي , كما كان الاله شمش، إله الشمس والعدالة، يزور العالم السفلي في كل ليلة في دائرته اليومية من خلال الكون , بالمثل، فقد اقترحت الباحثة كيتلين باريت scholar Caitlín Barrett أن الايقونية الجنائزية - على وجه التحديد الرمز ذو صلة بالإلهة إنانا / عشتار الذي نزلت وعادت من العالم السفلي - يشير إلى الاعتقاد في وجود عالم سفلي مرغوب فيه أكثر من الاخر الموضح في كثير من النصوص الأدبية. 
وعلى الرغم من أن البشر لا يمكن أن يأملوا في العودة إلى الحياة بنفس المثال الدقيق لإنانا / عشتار، فان الباحثة باريت تجادل، من خلال الاستفادة من الايقونة الجنائزية التي تمثل عشتار، بإنها يمكن أن تسعى إلى تجنب الجوانب غير السارة من العالم السفلي الذي هربت منها إنانا / عشتار.
لذا أفضل فهم العالم السفلي في ثقافة بلاد ما بين النهرين حيث لا مكان للبؤس الكبير ولا الفرح العظيم، ولكن كصيغة مبلدة للحياة على الأرض , وواحدة من الموضوعات المعروضة الأكثر وضوحا عن العالم السفلي يصفها بالمدينة العظيمة تحت الأرض وهي محمية من قبل سبعة جدران وسبعة بوابات حيث أرواح الأموات ساكنة , وفي قصة نزول عشتار إلى العالم السفلي، عشتار تمر من خلال هذه البوابات السبع في رحلتها إلى العالم السفلي , في كل باب كانت تجرد من ملابسها ومجوهراتها إلى أن تدخل مدينة الموتى عارية.
في ضوء هذه الأوصاف ، فربما كان يلاحظ أن الطقوس الجنائزية في بلاد ما بين النهرين للصفوة يمكن أن تستمر لمدة تصل إلى سبعة أيام , مجتمع الارواح الذين يعيشون في "المدينة العظيمة" وتسمى أحيانا "ارالو " في الاكدية او "كانزر" في السومرية وهو مصلح غير معروف المعنى , الكانزر السومري هو اسم أيضا للعالم السفلي ومدخل العالم السفلي 
في موازاة فكرة بلاد ما بين النهرين من ان السلطة الإلهية تحكم السماء والأرض، فان عالم الموتى يحكم من قبل آلهة خاصة مرتبين في ترتيب هرمي
مع القائد الاعلى فوق رؤوسهم
في النصوص القديمة كانت إلالهة ايرشكيجال ("سيدة الأرض العظيمة") ملكة العالم السفلي. الا انها استبدلت لاحقا من قبل اله الحرب نركال ("رئيس المدينة العظمى") , في أسطورة آكادية تعود الى آخر منتصف الألفية الثانية قبل الميلاد تحاول حل التعارض بجعل ايرشكيجال زوجة نركال.
على غرار الهة السماء الذي تلتقي بانتظام في المجلس الإلهي لإصدار الأحكام للكون، فان الحكام الإلهيين للعالم السفلي يتم مساعدتهم في قراراتهم من قبل هيئة نخبة من الآلهة تسمى البانثيون
ويجب التأكيد على أن العالم السفلي في بلاد ما بين النهرين لم يكن "الجحيم". وعلى الرغم من تفهم على أنها جغرافيا عكس السماوات، وعلى الرغم من بيئتها كانت إلى حد كبير انعكاس للسماويات (على سبيل المثال، كان يتميز بالظلام بدلا من النور)، فإنه لا يمثل السماء المعاكسة كمسكن لأرواح الأموات على أساس سلوك البشر أثناء الحياة.
كان العالم السفلي في بلاد ما بين النهرين مكان ليس للعقاب ولا للثواب. بدلا من ذلك، كان الوجهة الاخروية الوحيدة لأرواح الأموات الذين تلقوا رعاية وطقوس مناسبة لأجسادهم وقبورهم.
(صفحة أصدقاء المتحف العراقي)
حقوق المنشور محفوظة للصفحة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة